في ذكرى رحيله.. فنان الشعب سيد درويش نغمة خالدة في وجدان المصريين

الإثنين، 15 سبتمبر 2025 09:10 ص

فنان الشعب سيد درويش

فنان الشعب سيد درويش

في مثل هذا اليوم من عام 1923، رحل عن عالمنا أحد أبرز الموسيقيين في تاريخ مصر والعالم العربي الشيخ سيد درويش في سن مبكرة لم تتجاوز 31 عاما، مخلفا إرثا موسيقيا هائلا، لم يكن مجرد ملحن ومغن، بل كان مؤسسا للموسيقى الشعبية الحديثة، وفنان الشعب بحق، حيث شكلت ألحانه نبض الهوية الوطنية ورمزا لنهضة الثقافة المصرية.

ولد سيد درويش في 17 مارس 1892 بحي كوم الدكة بالإسكندرية، في أسرة فقيرة، وكان والده "درويش البحر" يعمل بحارا وحدادا، التحق بالمعهد الديني بالإسكندرية عام 1905، فتعلم القرآن وأساسيات الإنشاد، قبل أن يتجه نحو المسرح والغناء الشعبي.

عندما بلغ 16 من عمره، تزوج وأصبح مسؤولا عن عائلة، فعمل مع الفرق الموسيقية، لكنه لم يوفق، مما اضطره إلى العمل عاملا في البناء، وكان يغني أثناء العمل، مثيرا إعجاب العمال وأصحاب العمل، وتصادف وجود الأخوين أمين وسليم عطا الله، وهما من أشهر المشتغلين بالفن، في مقهى قريب من مكان عمله، فدعوه لمرافقتهما في رحلة فنية إلى الشام نهاية عام 1908.

بعد عودته من بلاد الشام عام 1912، أتقن العزف على العود وكتابة النوتة الموسيقية، حتى برز نجمه في القاهرة عام 1917، حيث تعاون مع فرق مسرحية مثل فرق نجيب الريحاني، جورج أبيض، وعلي الكسار وكون ثنائية فنية ناجحة مع بديع خيري، أنتجت العديد من الأغاني التراثية الخالدة، حتى قامت ثورة 1919 فغنى رائعته الوطنية "قوم يا مصري".

كانت أول أغانيه الشهيرة "زوروني كل سنة مرة"، التي قدمها بعد أن التقى امرأة للمرة الأولى في حياته، وقالت له بعد اللقاء: "ابقى زورنا ياشيخ سيد ولو كل سنة مرة".

أحدث سيد درويش ثورة موسيقية من خلال إدخال الغناء "البوليفوني" في أوبريتاته الشهيرة مثل: "العشرة الطيبة"، "شهرزاد"، وأوبرا "الباروكة" المعربة عن أوبرا لاما سكوت لاروان، والفصل الأول من أوبرا «كليوباترا وأنطونيو»، التي أكملها محمد عبدالوهاب، كما لحن النشيد الوطني، مستلهما عباراته من أقوال الزعيم مصطفى كامل، وجعل منها مطلعا للنشيد الوطني: "بلادي بلادي بلادي لك حبي وفؤادي"، والذي أصبح لاحقا النشيد الوطني المصري.

تزوج درويش ثلاث مرات؛ الأولى من عائشة عبدالعال المعروفة بـ "حياة صبري" وأنجب منها محمد البحر درويش - والد الفنان إيمان البحر درويش -، والثانية من عزيزة محمد الشهيرة بـ "زوزو كايدة العوازل"، بينما كانت الزيجة الثالثة قبل وفاته بخمس سنوات من "جليلة أم الركب أو "جليلة العالمة"، والتي أنجب منها يحيي وحسن .

وفي سبتمبر عام 1923، سافر درويش إلى الإسكندرية لاستقبال سعد زغلول، ليحتفي به بالنشيد الذي لحنه لاستقباله، وقضى بعض الوقت مع الأهل والأصدقاء، دون أن يدرك أحد أن هذه الزيارة ستكون رحلة وداعه الأخير، حتى تكون الأرض التي ولد بها هي التي يواري فيها الثري.

وفي بادرة وفاء وتقدير، أعلن وزير الثقافة الدكتور أحمد فؤاد هنو، تخصيص يوم 15 سبتمبر من كل عام ليكون "اليوم المصري للموسيقى"، ليضاف بذلك إلى الأجندة الثقافية والفنية المصرية، وجاء ذلك بناء على مقترح المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية، ليواكب ذكرى رحيل فنان الشعب ومجدد الموسيقى المصرية الموسيقار الكبير سيد درويش.

ومن المقرر أن يشهد "اليوم المصري للموسيقى" إطلاق برنامج حافل بالفعاليات والأنشطة المتنوعة في مختلف المحافظات، يتضمن كلمة سنوية يلقيها أحد رموز الموسيقى المصرية، على غرار ما يحدث في اليوم العالمي للمسرح، لتكون بمثابة رسالة ثقافية وفنية إلى المجتمع.

ورغم رحيله المبكر، ظل إرث سيد درويش يتردد في وجدان الشعب، حيث لا تزال ألحانه تحتل مكانة خاصة في القلب المصري، يستذكر بها كأيقونة للفن الوطني، ومجدد للموسيقى وأحد عباقرة التلحين الذين جسدوا نضال الأمة في نغم خالد تحت عنوان :"فنان الشعب" .

search