مؤتمر "القانون والذكاء الاصطناعي" بالأعلى للثقافة

الأربعاء، 30 أبريل 2025 04:06 م

جانب من الحدث

جانب من الحدث

يمني سالم

في إطار المبادرة الرئاسية "بداية جديدة لبناء الإنسان المصري"، وتحت رعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، وبإشراف الدكتور أشرف العزازي، الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، نظمت لجنة ثقافة القانون والمواطنة وحقوق الإنسان، ومقررها المستشار الدكتور خالد القاضي، رئيس محكمة الاستئناف مؤتمرًا بعنوان: "القانون والذكاء الاصطناعي"، وقد جاء الافتتاح والجلسة العامة بالمسرح الصغير بدار الأوبرا المصرية، ثم تنتقل باقي فعاليات المؤتمر إلى مقر المجلس الأعلى للثقافة.

بدأت فعاليات اليوم بكلمة المستشار الدكتور خالد القاضي، رئيس المؤتمر، والذي أعلن أن فكرة هذا المؤتمر قد انطلقت من مرحلة عمرية فارقة، مؤكدًا أن مع بزوغ فجر الذكاء الاصطناعي صار هناك تأريخ ما قبل الذكاء الاصطناعي وما بعده، مؤكدًا أن القانون له علاقات متشعبة بالذكاء الاصطناعي، وموضحًا أن هذا المؤتمر يهدف إلى الوصول لتوصيات استشرافية لصناع القرار، كما يهدف إلى إعلان المبادئ العالمية للذكاء الاصطناعي، وخريطة طريق للتشريعات الوطنية، والسعي إلى مبادرة التحالف القانوني للذكاء الاصطناعي.

وقال الدكتور هشام عزمي، رئيس الجهاز المصري للملكية الفكرية إن هذا المؤتمر ينعقد في وقت تشهد فيه مصر نقلة نوعية في المنظومة الفكرية، تتمثَّل في إنشاء الجهاز القومي للملكية الفكرية لتطوير منظومة الملكية الفكرية في مصر، مؤكدًا أن هذه الخطوة الجريئة والطموحة تعزِّز قدرات الدولة المصرية في التعامل مع الملكيات الفكرية من خلال تعزيز وتنظيم حقوق الملكية الفكرية في مصر، ويضطلع الجهاز بدور من خلال التنسيق بين الجهات المعنية لتعزيز الوعي الفكري بقوانين الملكية الفكرية.

ولا شك أن الثورة تحمل في طياتها فرصًا واعدة ولكنها تحمل تحديات جسيمة يتعين علينا مواجهتها.

وأشار عزمي إلى أن من أهم التحديات بروز التساؤل حول حماية المصنفات التي ينشئها الذكاء الاصطناعي ولمن تؤول الملكية الفكرية، فلا حماية لآلة، وإنما تمنح الحماية فقط للعنصر البشري، وموضحًا أن نظام البراءات يواجه تحديات كثيرة، فهل يمكن منح براءة ابتكار لما تصنعه الآلة؟ وما مدى الجدة؟

وأكد عزمي أن هناك إشكالات قانونية، كما أن هناك صعوبة في حماية المصنفات، إضافة إلى النقص الحاد في بيانات التدريب عالية الجودة والمتنوعة، والتي تعتمد عليها أنظمة الذكاء الاصطناعي، فجل النظم مستوردة، كما أن هناك جهلًا كبيرًا بالبيانات المتوافرة التي تخص تراثنا العربي والحضاري، وكذلك فإن قواعد البيانات غير متاحة إلا للنظام الغربي، وإذا ظل المحتوى العربي غائبًا سيكون الوضع غير مرضٍ بالمرة، إذ إن هذا مشروع ضخم يحتاج التعاون بين الدول العربية، كما أن الذكاء الاصطناعي يحمل إمكانات هائلة يمكن أن تساعد في تسريع البحث عن البراءات، إضافةً إلى تعزيز كفاءة قواعد البيانات، ومكافحة التعدي على الملكية الفكرية.

وأضاف عزمي أن الجهاز المصري للملكية الفكرية يدرك أن التطور في أنظمة الذكاء الاصطناعي، ولذا يضع تلك القضية على رأس أولوياته، فمن أهم المحاور تطوير الإطار القانوني والتشريعي، وبناء القدرات وتأهيل الكوادر المتخصصة، وتعزيز التعاون الدولي مع مكاتب الملكية الفكرية، وإطلاق مبادرات عالية الجودة، والتي تعكس التراث المصري والعالمي، ونشر الوعي بأهمية الملكية الفكرية في عصر الذكاء الاصطناعي وتشجيع المبدعين.

وقال عزمي: نحن في جهاز حماية الملكية الفكرية عازمون على القيام بدورنا الكامل من أجل مستقبل يقوم على الإبداع والابتكار ويحترم حقوق المبدعين.

وقال الدكتور أحمد جمال الدين موسى، وزير التربية والتعليم والتعليم العالي الأسبق، ورئيس لجنة قطاع الدراسات القانونية بالمجلس الأعلى للجامعات إن تطور الذكاء الاصطناعي فرض نفسه على الجميع لما له من أهمية وتأثير في أشياء كثيرة في حياتنا؛ مثل: البطالة، والمهن المعرضة للانقراض، والمهن الأخرى التي سيبزغ نجمها.

وقال موسى إن مستقبل مهنة المحاماة سيصيبه تغيير ما، وحسم المنازعات عن طريق التحكيم والقضاء سيتأثر جدًّا بالذكاء الاصطناعي.

وأكد موسى أن مدى قدرتنا على حماية الخصوصية، هذه المسألة ستثير قدرًا كبيرًا من المشاكل لو لم نتحسَّب لها، كما أن كثيرًا من القيم السائدة ستتأثَّر، إذ إن سيادة الدولة على إقليمها ستكون محل تأثر كبير، وقد شاهدنا مدى تأثير الخارج على الانتخابات المحلية في أكثر من دولة، وكذلك ستتأثر السيادة الضريبية للدول، ويحدث الآن أن تكون سيادة الدولة على إقليمها الضريبي محل شك، كما أن هناك ثورة متلاحقة في نظام التعليم الجامعي وما قبل الجامعي، يمكننا الحصول على شهادات من جامعات عالمية أونلاين، موضحًا أن دول العالم الثالث بصفة خاصة ستعاني لفترة حتى تلحق بهذا الركب.

وقال المستشار الدكتور عمر الشريف، رئيس محكمة الجنايات ورئيس اللجنة الاستشارية القانونية بالجهاز القومي لتنظيم الاتصالات إن هناك جهات كثيرة مطلعة ومهتمة بموضوع القانون والذكاء الاصطناعي في جميع المجالات، لا سيما الطب، ضاربًا المثل بظاهرة الإتجار في البشر، وهي ظاهرة غريبة على مجتمعنا، ومن ضمن المستجدات في المجتمع ومنتشرة، فكان لا بد من التدخل التشريعي والحد من ظاهرة الإتجار بالبشر، وكذلك ظاهرة تجارة الأعضاء، وتنظيم القوانين التي تواجه ذلك، وكذلك الذكاء الاصطناعي، مشيرًا إلى ظاهرة التوقيع الإلكتروني، وكيف كان يستلزم الأمر التدخل القانوني، حتى صدر قانون التوقيع الإلكتروني عام 2004.

وذكر الشريف التعريف الذي تم الاتفاق عليه لنظام الذكاء الاصطناعي بأنه: هو كل نظام يعتمد على الآلة ويعمل بمستويات مختلفة من الاستقلالية وقد يظهر قدرات على التكيف بعد تشغيله ويستند إلى البيانات المدخلة إليه لإنتاج مخرجات تشمل المحتوى والتوصيات والقرار بغرض تحقيق أهداف معينة لها تأثير في البيئة المادية والافتراضية. 

وضرب الشريف المثل بالطائرة الإثيوبية التي وقعت بسبب الذكاء الاصطناعي.

وقال الشريف: أتصوَّر أن مسألة الذكاء الاصطناعي باعتبارها ظاهرة مستجدة بعد أن نفهم أبعادها أن نضع لها تشريعًا، فينبغي التدخل ووضع قوانين خاصة بظواهر الذكاء الاصطناعي، وتحديث القوانين الموجودة بالفعل.

وأوضح الشريف أن الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات هو جهاز تنظيمي، أنشأته الدولة للتنظيم والإشراف والرقابة على مقدمي خدمة الاتصالات، لكنه لا يقدم الخدمة، بل يشرف عليها باسم الدولة، إضافة إلى تنظيم خدمات تقنية المعلومات، وإنشاء مركز لتنظيم حماية البيانات الشخصية، مع وضع تحديات الذكاء الاصطناعي في الاعتبار.

وقال الدكتور فهد جبريني: ونحن نشاهد التقدم السريع في كل مجالات العلم، فهل يمكن استبدال الطبيب بالذكاء الاصطناعي؟ مؤكدًا أننا في عصر تتسارع فيه التطورات التكنولوجية، إذ يشهد الذكاء الاصطناعي تقدُّمًا هائلًا في المجال الطبي، لدرجة المساعدة في وجود خطة علمية جديدة، مع زيادة تعاون الذكاء الاصطناعي مع الإنسان وخاصة الطبيب يتطلَّب عددًا من العوامل والقيم، وما ينتج عنه حفاظ الطبيب على السرية التامة لبيانات المريض، إضافةً إلى التحديات التي نواجهها في غياب قوانين لحماية حقوق الأطباء، ففي ظل تزايد استخدام الذكاء الاصطناعي بطريقة مذهلة يظل الطبيب هو المسئول الأساسي عن صحة المريض، إذ أصبح من الضروري تنظيم القوانين لإيجاد توازن بين القوانين.

وأدار الجلسة الأولى المستشار خالد القاضي، رئيس المؤتمر.

وتحدث فيها المستشار عادل ماجد، نائب رئيس محكمة النقض عن الذكاء الاصطناعي ومخاطره على الإنسان المعاصر، وأشار إلى أن الذكاء الاصطناعي متداخل مع جميع علوم الحياة بما فيها القانون، وحتى في خطاب الكراهية والتطرف الذي بدأ عمله البحثي فيه.

وقال إن المشكلة أننا ما زلنا مستخدمين فقط، وقال إن تأثير الذكاء الاصطناعي في وعي الشخص والمجتمع أصبح الآن واضحًا جليًّا، فهم يستخدمونه لاستمالة الأشخاص إلى صفوفهم بما يروجونه من شائعات على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال الكاتب الصحفي أشرف مفيد، خبير تطبيقات الذكاء الاصطناعي إن الشباب هو من ينتج ويغذِّي التكنولوجيا الحديثة في منطقتنا العربية والبلاد المجاورة، فلا بد من احتضان الدولة لهم كي يوعّوا الناس بالذكاء الاصطناعي وأفعاله، فنحن محتاجون لإنشاء مجلس أعلى للذكاء الاصطناعي، وكذلك إنشاء استراتيجية وطنية للذكاء الاصطناعي، وسنّ قانون للإيه آي، كما تحدث عن شركات عالمية يتحدى بعضهم بعضًا الآن لتقديم خدمات بسعر أفضل من الجهة المنافسة.

وتحدث الدكتور رامي أحمد فتحي، رئيس قطاع مكتب التعاون الدولي بالجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، عن الجوانب الخاصة بالبيانات، بالعمل على ستة محاور مهمة منها الحاسوبي وغيره.

وقال فتحي إن السنوات الأخيرة شهدت تناميًا هائلًا في استخدام البرمجيات والأنظمة الذكية في مختلف الأجهزة والمعدات، ما ولَّد تحديات قانونية غير مسبوقة حول مسألة مطوري هذه التقنيات ومصنِّعيها عند حدوث أضرار، فالتقنيات الذكية أدت إلى تحسين جميع الخدمات ورفع كفاءة تشغيل الأنظمة والعمليات.

وسوف تُعقَد على مدار اليوم ست ورش تخصصية، إضافةً إلى جلسة ختامية وتوصيات سنوافيكم بها في نهاية المؤتمر.

search