من الصابون التقليدي إلى الذكاء الاصطناعي: حضور متنوع للشرق الأوسط في معرض الصين الدولي للاستيراد

يستقبل المركز الوطني للمعارض والمؤتمرات (شانغهاي) زوارا من جميع أنحاء العالم، بينما تتميز مناطق العرض المخصصة لدول الشرق الأوسط بداخله بأجواء دافئة مليئة بالترحاب، وتقدم مزيجا أخاذا يجمع بين الحرفية الفريدة والتكنولوجيات المتطورة، لتروي معا قصة جديدة تجسد التمازج الخلاق بين عراقة الحضارات القديمة وروح الصناعة الحديثة.

وأصبح معرض الصين الدولي للاستيراد، الذي يحتضنه هذا المركز، منصة مهمة للشركات القادمة من الشرق الأوسط لعرض علاماتها التجارية والترويج لها. وفي دورته الثامنة التي تُقام في الفترة من 5 إلى 10 نوفمبر الجاري، يتألق جناح دولة الإمارات بتصميمه المستلهم من العمارة التقليدية، بينما يعرّف جناح البحرين الحضور على فن الخط العربي من خلال تجربة تفاعلية. وفي الجوار، تصطف طوابير لاقتناء الصابون التقليدي الحلبي، فيما يحظى زيت الورد الدمشقي برواجٍ واسع، في مشهد يعكس إعجاب الزوار بالبراعة العالية والسلع الأصيلة.

-- العلامات التقليدية تجذب اهتمام الحضور

تشارك دولة الإمارات كضيف شرف في المعرض، حيث يضم جناحها عناصر معمارية تقليدية تجسد قيم "الكرم والانفتاح والشمول والابتكار"، ويعرض مزيجا بديعا من صور لمعالم جديدة مثل "متحف المستقبل" ومقتطفات مرئية لمعالم المدينة القديمة، ليستعرض مسيرة تطور الدولة وإنجازاتها. كما تنقل عروض رقصة العيالة التراثية، التي تُعد كنزا وطنيا غير مادي، ثقافة الأمة وروحها الوطنية بقوة وببراعة.

وتشارك شركة ((كاميليشيس))، أكبر علامة تجارية لمنتجات حليب الإبل في الإمارات، في المعرض للسنة الثالثة على التوالي، وتشمل منتجاتها هذا العام مسحوق حليب إبل خالي من السكر وعالي الكالسيوم. وتضمن الشركة جودة ما تقدمه للمستهلكين عبر إشراف صارم ونظام كامل لإدارة سلسلة التوريد. كما أنشأت هذه العلامة حالياً متاجر رسمية على منصات تجارة إلكترونية رئيسية في الصين مثل تيمول (Tmall) وجينغدونغ دوت كوم (JD.com)، كما دخلت منصات التواصل الاجتماعي للتجارة الإلكترونية مثل دويين (Douyin) وريدنوت (rednote).

وقد أصبح زيت الزيتون السوري وزيت الورد الدمشقي والصابون الحلبي العريق من "الضيوف المعتادين" في المعرض. وقد حظي هذا الصابون بإقبال متزايد في السوق الصينية منذ الدورة الأولى للمعرض. ظل يعمل ممثل الجناح السوري، مهند الشقري بشكل متواصل خلال الأعوام الماضية على التنسيق مع المصانع المحلية بهدف تطوير منتجات جديدة تتناسب مع السوق الصينية بل وتصميم عبوات مبتكرة، كما لاقت علامته التجارية "دقة قديمة" التي قدمها هذا العام اهتماما ملحوظا من المستهلكين.

ومن المشروبات المصنوعة من الورد الإيراني إلى الزعفران الثمين، استطاعت آه لي، ممثلة العلامة الإيرانية "بارليز"، التي تشارك في المعرض للمرة الثانية، استخدام اللغة الصينية بمهارة لتعريف الزوار بمنتجات معروضة من بلادها بطريقة جذابة. وقالت خلال حديث معها: "من خلال المعرض يمكننا الترويج لمنتجاتنا الإيرانية عالية الجودة في الصين ودول أخرى، وهذه الفرصة تأتي مرة واحدة فقط خلال السنة ولا ينبغي أن نفوتها".

وداخل منطقة عرض السلع الاستهلاكية، يستخدم هوفي، ممثل جمعية الصداقة الإيرانية-الصينية للشؤون الثقافية والسياحية في الصين، اللغة الصينية بطلاقة لإبراز مميزات السجاد الإيراني أمام الزوار، حيث لفت إلى أنه منذ الدورة الأولى للمعرض، ازداد عدد الشركات الإيرانية المشاركة فيه تدريجيا، كما توسعت مساحات أجنحتها عاما بعد عام، حتى تجاوزت مساحة أجنحة الشركات الإيرانية هذا العام ألفي متر مربع، مؤكدا أن "المعرض باعتباره منصة ضخمة، يمكن أن يسهم في تعزيز مكانة الاقتصاد الإيراني عالميا".

-- التكنولوجيا الحديثة تعزز التنوع الاقتصادي

إن مشاركات الشرق الأوسط في المعرض لا تُبرز السلع التقليدية فحسب، بل تسلط الضوء أيضا جهود المنطقة الرامية إلى تعزيز التنوع الاقتصادي والتقدم التكنولوجي. ففي الدورة الثامنة للمعرض، تشارك شركة "سندان" الإماراتية الناشئة في مجال التكنولوجيا المبنية على الذكاء الاصطناعي، مما يُظهر إمكانات التطور التكنولوجي في دول المنطقة.

فعلي سبيل المثال، يتميز جناح شركة "سندان" بجدار فني متكامل كمحور بصري ويدمج بين تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد الضوئية المتقدمة لتشكيل مواد شبكية مرنة مباشرة في الموقع، مما يخلق جوا يجمع بين التكنولوجيا والفن. وتتوافق المعروضات العشرة في هذا الجناح بشكل دقيق مع مجالات التعاون الرئيسية بين الصين والدول العربية، وتشمل مجالات مثل الطيران والفضاء، ومعدات الطاقة، والرعاية الصحية، والتصنيع الذكي والروبوتات وغيرها.

من جانبها، قالت المها عبيد الشميلي، مهندسة تصميم في شركة سندان، إن مشاركة الشركة في المعرض تمثل ترجمة حية للارتقاء من "التبادل التجاري" إلى "التنسيق التقني" و"البناء المشترك للابتكار" بين الصين ودولة الإمارات، مشيرة إلى أنه من خلال هذه المنصة، أظهرت سندان الإمكانات الهائلة لـ"تحويل المعروضات من نماذج عرض إلى منتجات قابلة للبيع، وتحويل العارضين من مجرد مشاركين إلى مستثمرين فعليين" في مجال التصنيع الذكي مع الشركاء الصينيين.

على صعيد آخر، تسعى عدة شركات نفطية من الشرق الأوسط لاستكشاف فرص تعاون جديدة في المعرض. فخلاله، نظمت شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) ندوات للموردين، وأجرت محادثات ثنائية، وشاركت في منتديات رفيعة المستوى بما فيها منتدى التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين والإمارات.

وأشارت شركة أدنوك إلى أن مشاركتها في فعاليات المعرض تُؤكد التزامها الراسخ بتعزيز علاقات الشراكة مع الشركاء الصينيين، معربة عن تطلعها إلى التعاون مع جميع الأطراف لاستكشاف فرص تعاون جديدة لتلبية الطلب العالمي المتزايد على الطاقة.