محمود ياسين من المسرح إلى السينما.. رحلة فنان صنع مجده بالإبداع والالتزام

في مثل هذا اليوم، تحل ذكرى رحيل أحد أعمدة الفن المصري والعربي، الفنان القدير محمود ياسين، بعد مسيرة فنية استمرت أكثر من خمسة عقود، ترك خلالها إرثا فنيا خالدا لا يزال محفورا في وجدان الجمهور.

ولد ياسين في بورسعيد يوم 19 فبراير 1941، وكان السادس بين عشرة أشقاء. عمل والده في هيئة قناة السويس، وحصل محمود على ليسانس الحقوق عام 1964. بدأ حياته المهنية في المحاماة، لكنه رفض التعيين في بورسعيد، مفضلا الاتجاه نحو المسرح بعد أن اجتاز اختبارات القبول الخاصة بالمسرح القومي.

في عام 1967، تم تعيين محمود ياسين رسميا في المسرح القومي، حيث بدأ مشواره في أدوار البطولة من خلال مسرحية "الحلم" من تأليف محمد سالم وإخراج عبد الرحيم الزرقاني.

ومن هناك انطلقت مسيرته الحقيقية على خشبة المسرح القومي، الذي قدم من خلاله أكثر من 20 مسرحية، من أبرزها: "الرجل الذي فقد ظله"، "شيء من الخوف"، و"حكاية من بلدنا".

بدأت رحلته في السينما بدور صغير في فيلم "القضية رقم 68" مع المخرج صلاح أبو سيف، ‏ثم بدور فلاح في فيلم ‏‏"شئ من الخوف" 1969، براتب بسيط لا يتجاوز 5 جنيهات.

وفي عام 1970، انطلق نجمه كبطل سينمائي في فيلم "نحن لا نزرع الشوك" مع المخرج حسين كمال، لتتوالى بعد ذلك بطولاته مع كبار المخرجين.

‏شارك مع المخرج الكبير صلاح أبو سيف في أفلام "الكداب"، "سنة أولى حب"، و "سقطت في بحر ‏العسل"، ثم مع المخرج الكبير كمال الشيخ في أعمال "على من نطلق الرصاص"، "و ثالثهم الشيطان"، "الصعود ‏للهاوية"، ‏فحسام الدين مصطفى في "قاع المدينة"و "غابة من السيقان".

كما عمل مع مخرج الروائع حسن الإمام في "حب و كبرياء"، "و انتهى الحب"، "بعيدا عن الأرض"، ثم المخرج هنري بركات حيث عملا بسخاء 12 فيلما منهم: "الخيط الرفيع"، "أفواه و أرانب"، ‏‏"اذكريني".

بلغ رصيده أكثر من 150 فيلما، منها: "انتهى الحب"، "حب أحلى من حب"، "على من نطلق الرصاص"،: مولد يا دنيا"،"أنا لا عاقلة و لا مجنونة"، "همسات الليل"،"إبليس في المدينة"، "الباطنية"،"الأخرس"، "الحرافيش"،"فتاة من إسرائيل"، "كوكب الشرق"، "الجزيرة".

وكان له حضور بارز في الأفلام الحربية، وأبرزها "أغنية على الممر" عام 1972 أثناء حرب الاستنزاف للمخرج علي عبد الخالق، ثم قدم فيلم "الوفاء العظيم"، " بدور"، و"الظلال في الجانب الآخر" ، وأشهرها "الرصاصة لاتزال في جيبي".

بجانب التمثيل، تميز محمود ياسين بصوته الرخيم وهيبته، فكان خيارا مثاليا للتعليق الصوتي في العديد من الأعمال الوثائقية والتاريخية.

وفي الدراما التلفزيونية، شارك في أعمال بارزة مثل:" غدا تتفتح الزهور"، "سوق العصر"، "ضد التيار"، و"أبو حنيفة النعمان".

حصد محمود ياسين خلال مسيرته الحافلة أكثر من 50 جائزة من مهرجانات محلية ودولية، منها: جائزة التمثيل من مهرجان طشقند 1980، مهرجان السينما العربية بأمريكا وكندا 1984، مهرجان عنابة بالجزائر 1988، جائزة الدولة عن أفلامه الحربية 1975، جائزة الإنتاج من مهرجان الإسماعيلية 1980، جائزة أفضل ممثل في مهرجان التلفزيون لعامي 2001 و2002.

كرمته العديد من المؤسسات الثقافية والإعلامية، والجمعيات الأهلية، والمحافظات في العالم ‏العربي وفي مصر،‏ كما كرمه مهرجان المسرح التجريبي الدولي في دورته الـ13، وكرمه مهرجان التلفزيون المصري كرئيس فخري للجان التحكيم في دورته الرابعة.‏

كما شغل مناصب ثقافية وفنية مهمة، مثل: رئيس لجنة تحكيم مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون عام 1998، ورئيس جمعية كتاب وفناني وإعلاميي الجيزة.

ينتمي إلى عدد من الهيئات الفنية والثقافية المهمة، حيث عمل عضوا في المسرح القومي ثم تولى إدارته، كما شغل منصب رئيس جمعية فناني وكتاب وإعلاميي الجيزة منذ تأسيسها عام 1983.

شارك في لجان تحكيم سينمائية دولية وعربية ومحلية، وكان عضوا بلجنة مهرجان القاهرة السينمائي لاختيار الفيلم المصري المرشح للأوسكار، كما أسس شركة للإنتاج والتوزيع السينمائي عام 1973، مساهما في دعم وتطوير صناعة السينما المصرية.

تزوج الفنان محمود ياسين مرة واحدة خلال حياته، من الفنانة المصرية شهيرة (عائشة حمدي). واستمر زواجهما حتى وفاته. أنجبا ابنهما عمرو محمود ياسين، وهو كاتب وممثل، وابنتهما رانيا محمود ياسين، وهي ممثلة أيضا.

توفي محمود ياسين في 14 أكتوبر 2020 بعد صراع مع المرض، بعد مسيرة فنية حافلة بالأعمال السينمائية والتليفزيونية الناجحة.