مصر تحتفل باليوم العالمي لسلامة المرضى

احتفلت وزارة الصحة والسكان والهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية باليوم العالمي لسلامة المرضى لعام 2025، الذي جاء هذا العام تحت شعار “السلامة من بداية الحياة”، تأكيدًا على أهمية حماية المرضى منذ اللحظات الأولى للحياة، ودعم الجهود الوطنية لضمان رعاية صحية آمنة وشاملة.

وخلال الاحتفال، أكد الدكتور أحمد طه، رئيس الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية، أن ترشيد الإنفاق الصحي يجب أن يتم دون التأثير على سلامة المرضى، مشيرًا إلى أن الاعتماد الصحي هو البوابة الأساسية لدخول منظومة التأمين الصحي الشامل وتحقيق جودة الرعاية. وأضاف أن تطبيق معايير الجودة يمثل حماية حقيقية للمرضى، حيث تشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن واحدًا من كل عشرة مرضى يتعرض لأذى نتيجة عدم تطبيق تلك المعايير، وأن 2.6 مليون وفاة سنويًا تقع في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل بسبب أحداث يمكن تجنبها.

وأوضح طه أن 10% من الأخطاء الطبية تحدث نتيجة أخطاء في التشخيص، وهي تمثل نسبة مماثلة من الوفيات عالميًا، بتكلفة تقدر بـ 42 مليار دولار سنويًا على أنظمة الرعاية الصحية. كما أن 25% من الإجراءات الجراحية تشهد أعراضًا جانبية نتيجة أخطاء طبية، مؤكدًا أن تحسين البنية التحتية والإمداد والتموين واستخدام الأجهزة الطبية الحديثة ووضع خطوط استرشادية دقيقة للتشخيص والعلاج هي مكونات متكاملة لتحقيق هدف سلامة المرضى.

وأشار إلى أن مسيرة الاحتفال باليوم العالمي لسلامة المرضى بدأت عام 2019، وتنوعت محاورها على مدار السنوات السابقة، حيث تناولت موضوعات مثل رعاية الأم والوليد (2021)، والأدوية بلا أضرار (2022)، ومشاركة المرضى وذويهم في رحلة العلاج (2023)، وتحسين التشخيص من أجل سلامة المرضى (2024)، وصولاً إلى “السلامة من بداية الحياة” في عام 2025.

وفي إطار الجهود الوطنية، أعلن طه أن قانون المسؤولية الطبية وسلامة المرضى الصادر في 28 أبريل 2025، يمثل خطوة جوهرية نحو تعزيز جودة الرعاية الصحية، مشيرًا إلى أن اللجنة العليا لرفع مستوى جودة خدمات الرعاية الصحية وسلامة المرضى ستشمل جميع المؤسسات الصحية في مصر. كما تم هذا العام إنشاء الإدارة العامة لسلامة المرضى بوزارة الصحة، وإطلاق برنامج تدريبي إلكتروني عن جودة الرعاية الصحية شارك فيه أكثر من 3875 متدربًا عبر المنصة المحلية للصحة المصرية، بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية.

وأكدت نعمة عابد، ممثل منظمة الصحة العالمية في مصر، أن الاهتمام بسلامة المرضى يبدأ منذ اليوم الأول للحمل، مشيرة إلى أن مصر حققت تقدمًا ملحوظًا في خفض وفيات الأطفال دون سن الخامسة، رغم استمرار بعض التحديات. وأوضحت أن المنظمة تدعم وزارة الصحة في تدريب الفرق الطبية لتحسين سلامة الرعاية، لافتة إلى أن 6500 مولود يفقدون حياتهم يوميًا عالميًا، وأن نحو 800 ألف وفاة لحديثي الولادة وقعت عام 2023 في إقليم شرق المتوسط.

من جهته، قال الدكتور أشرف حاتم، رئيس لجنة الصحة بمجلس النواب، إن سلامة المرضى تمثل محورًا أساسيًا في استراتيجية الدولة الصحية، مشيرًا إلى أن قانون المسؤولية الطبية وقانون المجلس الصحي المصري يعكسان توجه الدولة نحو تدريب الأطباء ورفع كفاءتهم المهنية لضمان سلامة المرضى. وأكد أن الاهتمام بسلامة الرعاية بدأ مع إطلاق قانون التأمين الصحي الشامل، ومبادرة “الألف يوم الذهبية” لحماية الأم والطفل، مؤكدًا الحاجة إلى تعزيز العمل من بداية الحمل لضمان سلامة الحياة الجديدة.

وفي كلمته، أوضح الدكتور محمد عوض تاج الدين، مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الصحية والوقائية، أن كل تدخل طبي يحمل قدرًا من المخاطر، لكن التطورات الحديثة في مجالات النظافة والتعقيم ومكافحة العدوى أحدثت تقدمًا كبيرًا في الحد من الأخطاء. وأشار إلى أن الحقن غير الآمن كان من أكثر أسباب العدوى سابقًا، إلا أن مصر حققت تطورًا ملحوظًا في الحقن والدم والأدوية الآمنة.

وأضاف تاج الدين أن جزءًا من التحديات في الدول النامية يعود إلى ثقافة المريض وتأخره في طلب الرعاية أو استخدامه أدوية دون استشارة طبية، مشيرًا إلى أن المبادرات الرئاسية مثل “حياة كريمة” ساهمت في اكتشاف العديد من الحالات مبكرًا وتحسين منظومة الرعاية الصحية.

واختُتم الاحتفال بالتأكيد على أن سلامة المرضى ليست مسؤولية فردية، بل ثقافة مجتمعية شاملة تبدأ من الوعي الصحي للمواطن وتنتهي بنظم الجودة داخل المنشآت، بما يعزز هدف الدولة في تحقيق رعاية صحية آمنة ومستدامة لكل مواطن منذ لحظة الميلاد.