جامعة متوسطية من أجل مستقبل مشترك
الإثنين، 07 يوليو 2025 02:56 م

دبروفكا سويكا
في عالم يشهد تشرذما وأزمات متزايدة، يظل التعليم الأداة الأقوى التي تسمح بربط الصّلة بين النّاس. بينما يستعد الاتحاد الأوروبي لإطلاق ميثاقه الجديد من أجل المتوسط، نعمل على تنزيل الانسان - وخاصة الشباب – في محور هذا الطّور الجديد من العلاقات الأورومتوسطية إذ لا شيء يوحّد النّاس أكثر ممّا يفعله التعليم الذي سيكتسي نفس الأهميّة التي يكتسيها تعزيز العمل معا في المجالين الاقتصادي والسياسي مثل الطاقات المتجددة والتخفيف من حدة تغير المناخ والاتصال الرقمي والهجرة والأمن.
لذلك يدعو الاتحاد الأوروبي لفكرة جريئة تتمثّل في إنشاء جامعة متوسطية في شكل مؤسسة مترابطة من الجامعات والتّحالفات الأكاديمية على ضفتي البحر الأبيض المتوسط، لتوحيد الطّلبة والباحثين والثقافات من أوروبا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا. لا يتعلّق الأمر بالتّعليم فحسب بل وأيضا ببناء مستقبل مشترك.
لطالما كان البحر الأبيض المتوسط بوتقة تنصهر فيها الحضارات وفضاء للتجارة وتبادل المعارف والمصير المشترك. لكنّه في العقود الأخيرة تحوّل إلى مجال للنّزاعات والفرص المهدورة. نريد عكس هذا الاتجاه من خلال الاستثمار في الأشخاص والثقة والمعرفة المشتركة. ستكون الجامعة المتوسطيّة حجر الزاوية، في البعدين الإنساني والثقافي، للميثاق الجديد للمتوسّط ورمزا للشراكة والازدهار والسلام.
تستند المبادرة إلى ثلاث ركائز.
أولا، سنعمل على تطوير برنامج ايرسموس+ لفائدة شركائنا في جنوب المتوسط. نريد المزيد من الطّلبة والباحثين والأساتذة وأعضاء هيئات التدريس للدّراسة والعمل عبر حدود البحر الأبيض المتوسط. لا يقتصر الأمر على التنقّل بل يمتدّ إلى التكامل الأكاديمي الفعليّ من خلال الشهادات العلميّة والمناهج المشتركة والاعتراف المتبادل بالدّرجات العلميّة في المجالات ذات الاهتمام الاستراتيجي مثل المناخ والتكنولوجيا النظيفة والمهارات الرقمية والاقتصاد الأزرق والحوار بين الثقافات.
ثانيا، نريد إنشاء تحالف جامعي يشرف على تنسيق التعاون الأكاديمي واتحادات البحث والتبادل الثقافي. سيكون لهذا التّحالف مركزان - أحدهما في الاتحاد الأوروبي والآخر في جنوب المتوسط - لتبسيط الجهود وتجميع الموارد وتوسيع نطاق النّفاذ. نودّ أن تتدفق الأفكار والمواهب بحرية – ليس من الشمال إلى الجنوب فقط، بل أيضا من الجنوب إلى الشمال وعبر المنطقة.
أمّا الرّكيزة الثالثة وأكثرها طموحا، فتتمثّل في وضع أسس للجامعة المتوسطيّة يكون لها أكثر من حرم جامعيّ واحد في مختلف أنحاء فضائنا المتوسطيّ المشترك وسيتم الاعتراف بالدرجات العلمية في الاتحاد الأوروبي وفي الدول الجنوبيّة الشريكة. سيتمكن الطّلبة من قضاء فترات في بلدان مختلفة على امتداد دراستهم لاكتساب وجهات نظر جديدة وبناء شبكات ترافقهم مدى الحياة. لن تكون الجامعة المتوسطيّة في مبنى وحيد بل نظاما بيئيّا للتعاون يكون مفعما بالحياة.
لا شكّ أنّ المشروع لن يكون خاليا من التحدّيات. لقد عشت فترات من الزّمن كان من غير المعقول فيها أن أتخيّل وجود معايير مشتركة أو التنقل عبر الحدود للتعلّم. بعد أن نشأت في مجتمع مغلق وعانيت من ويلات الحرب في مسقط رأسي، أصبحت أعرف حقّ المعرفة قيمة السّلام - وكيف يمكن للتّعليم أن يحدث تأثيرا تحويليّا في حياتنا. لذلك فأنا أعتبر هذا المشروع مهمّة شخصية بالنسبة لي.
يمكننا، من خلال التعليم، رعاية جيل جديد لا تعرقله الحدود أو الخوف في بحثه بكلّ تصميم على الفرص. لا تقتصر مبادرة الجامعة المتوسطيّة على قاعات الدّراسة والشّهادات العلميّة بل تسعى إلى تحقيق الاندماج والنمو والرؤية المشتركة.
لقد حان الوقت لتحقيق هذا الطموح. دعونا نغتنم هذه الفرصة – لا فقط كصنّاع سياسات أو أكاديميين، بل كأشخاص يؤمنون بالقوة الدائمة للتواصل البشري عبر بحرنا المتوسّطي الحبيب.
دبروفكا سويكا هى المفوضة الأوروبية المكلفة بالمتوسط
نسخ الرابط للمقال
آخبار تهمك
محافظ أسيوط يتفقد أعمال الرصف بأبنوب بتكلفة 28 مليون جنيه
07 يوليو 2025 07:26 م
الأكثر قراءة
-
178 فرصة عمل للمصريين في الإمارات
-
وفد بلا صلاحيات كافية يفشل في المفاوضات مع حماس قبل اجتماع نتنياهو بترامب
-
النواب الأمريكي يتهم طبيب بايدن بالتستر على صحته خلال رئاسته
-
البنك المركزي المصري يوجه البنوك نحو دعم العملاء المصدرين والتوافق بيئيًا مع المعايير الدولية
-
السكة الحديد تعتذر للركاب بعد وقوع حادث قطار قويسنا
أكثر الكلمات انتشاراً