اليوم ذكرى ميلاد العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ

السبت، 21 يونيو 2025 12:40 م

 العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ

العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ

إبراهيم الدسوقي

في مثل هذا اليوم 21 يونيو من عام 1929، وُلد العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ، أحد أبرز رموز الغناء العربي في القرن العشرين، واسمه الحقيقي عبد الحليم علي شبانة. 

وُلِد عبدالحليم حافظ بقرية الحلوات التابعة لمركز الإبراهيمية بمحافظة الشرقية، وكان أصغر أشقائه الأربعة إسماعيل ومحمد وعلية، فقد والدته بعد أيام من ولادته، وتوفي والده قبل أن يتم عامه الأول، ليجد نفسه يتربى في كنف خاله الحاج متولي عماشه، وسط ظروف إنسانية صعبة تركت أثرها العميق في وجدانه الفني لاحقًا.

منذ سنواته الأولى، أبدى عبد الحليم ولعًا شديدًا بالموسيقى، وبرز صوته في فرقة الأناشيد المدرسية، ليتخذ أولى خطواته نحو الفن، التحق بمعهد الموسيقى العربية عام 1943 بقسم التلحين، وهناك التقى بكمال الطويل زميله في المعهد، حيث نسج الاثنان صداقة فنية استمرت طويلًا، تخرّج عام 1948 وكان مرشحًا للابتعاث، لكنه فضّل العمل مدرسًا للموسيقى في طنطا ثم الزقازيق وبعدها القاهرة، قبل أن يستقيل ويلتحق بفرقة الإذاعة الموسيقية عازفًا على آلة الأوبوا عام 1950.

في عام 1951 تعرّف على الإذاعي حافظ عبد الوهاب الذي اكتشف صوته وسمح له باستخدام اسم "حافظ" بدلًا من شبانة، ليبدأ بعدها مشواره الإذاعي، غنى لأول مرة "صافيني مرة" عام 1952 من كلمات سمير محجوب وألحان محمد الموجي، لكنها لم تلق ترحيبًا آنذاك، إلا أنه أعاد تقديمها عام 1953 يوم إعلان الجمهورية، فحققت نجاحًا مدويًا، توالت النجاحات بعدها، أبرزها "على قد الشوق" و"أهواك" و"فاتت جنبنا"، وتعاون مع كبار الشعراء والملحنين وعلى رأسهم محمد عبد الوهاب، بليغ حمدي، كمال الطويل، ومحمد حمزة.

من الأغاني التي تركت بصمة خاصة في مشواره "زي الهوى"، "سواح"، "حاول تفتكرني"، "قارئة الفنجان"، و"رسالة من تحت الماء"، كما غنى للوطن والكرامة عقب نكسة 1967، ووقف على مسرح قاعة ألبرت هول في لندن أمام أكثر من 8 آلاف شخص مقدمًا "عدى النهار" من كلمات عبد الرحمن الأبنودي وألحان بليغ حمدي دعمًا للمجهود الحربي.

لم يقتصر عبد الحليم على الغناء، بل خاض تجربة التمثيل وشارك في 16 فيلمًا، من بينها "لحن الوفاء"، "أيام وليالي"، "الوسادة الخالية"، وآخرها "أبي فوق الشجرة"، وكان يحلم بتحقيق قصة "لا" للكاتب مصطفى أمين في فيلم سينمائي مع الفنانة نجلاء فتحي، لكن القدر لم يمهله.

ورغم شهرته الطاغية، إلا أن مكتبة عبد الحليم لا تزال تزخر بأعمال إذاعية نادرة لم تأخذ حقها في الانتشار، منها برامجه الغنائية "فتاة النيل"، "معروف الإسكافي"، و"وفاء"، التي عرضت عبر إذاعة الأغاني في برامج مثل "منتهى الطرب" و"ساعة طرب".

أصيب عبد الحليم بتليف كبدي نتيجة إصابته بمرض البلهارسيا منذ الطفولة، وكانت أولى الأعراض ظهوره في نزيف معدي عام 1956، ثم توالت المضاعفات. توفي في لندن يوم الأربعاء 30 مارس 1977 عن عمر يناهز 47 عامًا، بعد أن نقل إليه دم ملوث بفيروس الكبد الوبائي "سي" أثناء رحلة علاجه، ليعلن رحيل صوت طالما عبر عن أحلام العاشقين وألم الوطن وفرحه.

شيّع عبد الحليم في جنازة مهيبة ضمّت أكثر من 2.5 مليون شخص، لم تعرف مصر مثيلًا لها سوى في وداع جمال عبد الناصر وأم كلثوم، ليبقى العندليب الأسمر خالدًا في وجدان الأمة العربية، بصوته، وأحلامه، وقلبه الكبير.

search